آخر الأخبار

جاري التحميل ...

محمد أسليـم: الرواية العربية الرقمية وقضية المصطلح

محمد أسليـم: الرواية العربية الرقمية وقضية المصطلح
«يحكم النقادُ على الأعمال الأدبية ولا يعلمون أنها تحكم عليهم».
جان كوكتو
تمهيد
بانطلاق الثورة الرقمية في سبعينيات القرن الماضي دخلت المجتمعات المتقدمة إلى مرحلة ما بعد الحداثة. وفيما لم تكتمل ورشات تحديث دول العالم الثالث – وضمنها مجتمعاتنا العربية – تطالبُ العولمة والشومَلة الجميع اليومَ أن يكون في الموعد. هل يتحقق هذا الانتقال - في حالتنا – عبرة طفرة على نحو ما يبشر به البعض(1) أم سنلازم السير بخطوتين، مثلما فعلنا مع الحداثة – ولا زلنا - حيث نضع قدما في الأصالة وأخرى في المعاصرة؟
على صعيد الرواية، بينما بلغت أعمال عربية من الاحترافية والمهنية ما أهلها – عن كل جدارة واستحقاق – لنيل أكبر جائزة أدبية دولية في عالم اليوم (نوبل، نجيب محفوظ، 1989) لازال تأصيل الرواية العربية يشكل أحد ثوابت الحقل النقدي؛ سؤالُ «هل الرواية جنس أصيل أم أنه وافد علينا من الغرب؟» مثالٌ عن وضع قدم في التقليد وأخرى في الحداثة، حيث هناك من يعتبر هذا الجنس داخلي المنشأ وثمة من يعتبره دخيلا، فماذا عن هذا «الطارئ» الجديد المتمثل في «الكتابة الرقمية» أو «الأدب المعلوماتي»؟
1. قلق وبلبلة معممان، تشكل حقل أدبي جديد
مع الثورة الرقمية تحرَّرت الكتابة من سندها المادي وسهُلَ رواجها بحيث صار مجرد امتلاك حاسوب شخصي متصل بالشبكة ومساحة في خادم ما لرفع الملفات ومعرفة أولية بتقنية بناء المواقع (لم تعد ضرورية أمام تطور عروض الاستضافة المجانية التي تقدمها العديد من الشركات اليوم) يعادل امتلاك دار نشر بكاملها، بل يُناظر منبر نشر أقوى في التوزيع من أي دار نشر ورقية. كان لذلك تأثير كبير على الحقل الأدبي لازال يتفاعل تحت أعيننا ووحده المستقبل كفيل بالإجابة عن سُؤالِ مآلِه:
فمن جهة كثرت عملية نشر الأعمال بما جعل «الكتاب» يدخل مرحلة الابتذال، مما دفع إلى تعدد الآراء والمواقف: من متشائم اعتبر الكتابة قد دخلت مرحلة «هشاشة مؤسساتية» غير مسبوقة، فمتفائل رأى في الظاهرة نفسها مؤشرا لبلورة النبوغ الجماعي، فقائل بتحقق الطموح السقراطي لإنزال المعرفة إلى الساحات والطرقات العامة، إلى مؤكد أن الذوق الأدبي نفسه بصدد اجتياز فترة تحول؛

ومن جهة أخرى، من رحم التكنولوجيا نفسها التي حطمت الأسوار التقليدية لمؤسسة الأدب خرجت كتابة لتحقق أحلاما راودت الأدباء على مدى قرون، كحلم إشراك القارئ في عملية الكتابة(2)، والرغبة في تخطي إكراه الخطية وما تفرضه من قيود في التعامل مع مقولتي الزمان والمكان، و«حلم» توظيف الآلة في كتابة نصوص أدبية الذي تعود بداياته إلى عام 1953(3)، لكن هذه الكتابة ظهرت أيضا لمناهضة النظام الأدبي القائم(4). ولهذه الكتابة الناتجة عن اللقاء بين المعلوميات والأدب اليوم أجناسٌ بعضها يعرف تواترا في الإنتاج مثل الرواية التي تستخدم تقنية التشعب، والشعر الرقمي، وآخر انطلق بالكاد مثل «الرواية – الصورة التفاعلية» le roman – photo interactif، وقد يكون المزيد في الانتظار بالنظر للآفاق الكبيرة التي يفتحها لقاء الأدب بالتكونولوجيا.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا